الجمال جمال القلب والخلق مشهد قصصي من أروع ماقرأت

في إحدي الليالي أتى شخص إلي زوجته وقال لها باستئذان
هل لنا من أن نتحدث قليلاً …
وكان ذلك علي غير عادتة فأطالت النظر إليه بحدة وقالت
ما بك ….
قال
– سأتزوج
لكنها ردت بهدوء
– والسبب؟
رمقها بنظرة جامدة قبل أن يقول
– كان يمكن أن أقول لكِ أن هذا حقي واكتفي؛ لكني سأقر لكِ بأنك باردة
علت وجهها الدهشة وقالت بسخرية
– باردة!! هل هي عكس دافئة أم مثيرة؟
إمتعض من سخريتها
– تسخرين!! لا بل هي معني متحجرة المشاعر
تلاعبت بصوتها بنبرة تمثيلية
– اكتشاف مذهل وقد تخطيت الخمسين بعد زواج دام خمس وعشرين عامًا ….
ثم هزت رأسها بأسف لتكمل
– لا توجد امرأة متحجرة؛ بل كل واحدة منا تنتمي لصنف من يتزوجها
رفع حاجبه بغيظ
– ما معنى ذلك الهذيان؟
ارتفع صوتها
– معناه أن من تتزوج بحر فياض تصبح موجة تتراقص على سطحه
ومن تتزوج سماء تصير أحدى غيماته الممطرة
ومن تتزوج جبل تتحول إلى صخرة صماء قد ينمو على جنباتها بعض الورود
ارتفع صوت أنفاسه باضطراب
– وأنا من كنت فيهم بالنسبة إليكِ؟
نظرت إليه باشمئزاز
– أنت صحراء جافة ضللت طريقي فيها فحولتني إلى حفنة رمال مبعثرة
والغريب أنك تبحث عن السراب في ليلك البارد
لا في ظهيرتك المشمسة
تردد من وقع كلماتها
– سراب!!
ضحكت بسخرية
– هل هي صغيرة كما تزوجتني
جميلة كما كنت قبل إهمالك
ندية كمثلي قبل ذبولي
هل ستقضي معظم وقتك معها تدللها وأنت الذي لم تكن تطأ قدمك البيت إلا للطعام والمبيت
هل ستنفق عليها مدخرات بُخلك علي
أم ستغدق عليها مشاعر سألتك إياها فمنعتها
هل ستجوب بها بقاع الأرض لتسترد شبابًا دفنته في قبر العمل والانشغال ودفنتني معك لأتحجر كما تدعي هل ستتذكر تاريخ مولدها وزواجكما ولقاءكما الأول وتفاجأها بالهدايا والحُلل والمصاغ أم ستنسى كما كنت معي؟
ارتبك و أشبك أصابعه ببعضها
– لن أنكر؛ سأتغير؛ سأتعلم معها ما جهلت
أمالت رأسها وهي تطيل النظر إليه
– الصحراء إن جادت بالشجر فلن تجود بالثمر
ولن يصبر على الارتحال فيها إلا الجِمال
فهل حبيبتك صابرة أم طامعة أم شابة هوجاء سرعان ما ستتمنى من في مثل شبابها؟
تركها وانصرف على قدمي التمني والعمى
لكنه عاد على جناحي البصيرة والرجاء
– سامحيني .. ما كانت إلا …
رفعت كفها لتقطع كلامه وتقول
– هل سمعت يومًا عن ناجٍ من هلاك الصحراء .. عاد إليه !!